منتدى رسالة المحاماة: المحكمة الادارية العليا

شارك معنا

المحكمة الادارية العليا


محكمة القيم
بسم الله الرحمن الرحيم
باسم الشعب
مجلس الدولة
المحكمة الإدارية العليا
بالجلسة المنعقدة علناً برئاسة السيد الأستاذ المستشار محمد هلال قاسم رئيس مجلس الدولة و عضوية السادة الأساتذة عبد الفتاح السيد بسيوني و عبد المنعم عبد الغفار فتح الله و محمود مجدي أبو النعاس و فاروق عبد الرحيم غنيم المستشارين .
* إجراءات الطعن
في يوم الأحد الموافق 20 من يونيو سنة 1982 أودع الأستاذ/ جلال يوسف الشبكة – المحامي ، و الوكيل عن السيد/ إبراهيم محمد أبو غلاية بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب ، قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 1285 لسنة 28 قضائية في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد و الهيئات ) بجلسة 20 من أبريل سنة 19882 في الدعوى رقم 801 لسنة 34 قضائية و القاضي بعدم قبول الدعوى و إلزام المدعي بالمصروفات .
وطلب الطاعن – للأسباب الواردة في تقرير الطعن – الحكم بقبوله شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و القضاء له بطلباته في الدعوى المشار غليها مع إلزام المطعون ضده الأول و الثالث بالمصروفات عن الدرجتين .
و قدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبوله شكلاً و في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه و بإلغاء القرار الطعين و ما يترتب على ذلك من آثار مع إلزام الجهة الإدارية المصروفات .
و تداول نظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون حتى قررت بجلسة 18/4/1985 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا _ الدائرة الأولى ) لنظره بجلسة 11/5/1985 ، و فيها قررت المحكمة إصدار الحكم لجلسة اليوم حيث صدر و أودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به .
* المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق و سماع الإيضاحات و بعد المداولة .
من حيث أن الطعن قدم في الموعد القانوني مستوفياً أوضاعه الشكلية ، فمن ثم فهو مقبول شكلاً .و من حيث أن عناصر هذه المنازعة تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 801 لسنة 34 قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ( دائرة منازعات الأفراد و الهيئات ) طالباً الحكم بوقف تنفيذ و إلغاء قرار محافظ القليوبية رقم 13 لسنة 1980 الصادر بتعيين مجلس إدارة مؤقت لإدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب و ما يترتب على ذلك من آثار أهمها استمرار مجلس إدارة الجمعية المنحل ضمناً بهذا القرار و الذي يرأسه المدعي .
و قال المدعي شرحاً لدعواه ، أنه رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب و أنه فوجئ بصدور القرار المشار إليه و الذي ينعى عليه صدوره من غير مختص لأن المشرع ناط بالهيئة العامة لتعاونيات البناء و الإسكان الاختصاص في إنشاء الجمعيات التعاونية لبناء المساكن و الإسراف عليها و حل مجالس إدارتها و تعيين مجالس مؤقتة .
و بجلسة 20 من أبريل سنة 1982 أصدرت محكمة القضاء الإداري حكمها المطعون فقضت بعدم قبول الدعوى و إلزام المدعي بالمصروفات .
و أقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من أن الثابت من الأوراق أنه بتاريخ 18/1/1980 أصدر محافظ القليوبية قراره رقم 13 لسنة 1980 فنص في المادة الأولى منه على ” تعيين مجلس إدارة مؤقت لإدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب من السادة …………………… ” ثم عاد المحافظ و أصدر بتاريخ 2/4/1980 قراره رقم 234 لسنة 1980 الذي قضى في مادته الأولى بأن ” تضاف فقرة أولى إلى المادة الأولى من قرارنا رقم 13 لسنة 1980 ليصبح القرار على النحو التالي من تاريخ سريانه :
( أ ) حل مجلس إدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب .
(ب) تعيين مجلس إدارة مؤقت لإدارة الجمعية من السادة ………… ”
كما أن الثابت من الأوراق أن المدعي العام الاشتراكي أحال الدعي إلى محكمة القيم لأنه خلال الفترة من عام 1965 و حتى عام 1980 بدائرة مركز قليوب أتى أفعالاً من شأنها الإضرار بالمصالح الاقتصادية  للمجتمع الاشتراكي ببيعه الأراضي المملوكة للجمعية بالمخالفة لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 ” الخاص بتقسيم الأراضي ” مما عرض عقود المشترين للبطلان و أموالهم للضياع ، و أعاد بيع تلك الأراضي بطرق ملتوية تؤول معها إلى ذويه بالمخالفة للائحة النظام الداخلي للجمعية المذكورة ، وقد تضخمت ثروته و زوجته و أولاده نتيجة استغلاله لمنصبه كرئيس لمجلس إدارة الجمعية ، و اختلاسه ما لها المبين بالتحقيقات . و طلب المدعي العام الاشتراكي من محكمة القيم الحكم بفرض الحراسة على أموال المذكور بصفة أصلية و على أموال باقي المدعي عليهم بالتبعية إعمالاً لنص المواد 2 ، 3/1 ، 5 ، 18/3 من القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة و تأمين سلامة الشعب .
و بجلسة 4/10/1981 قضت محكمة القيم في الدعوى رقم 13 لسنة 11 حراسات بفرض الحراسة على أموال الدعي و سائر أفراد عائلته الواردة أسماؤهم في حكمها . و بجلسة 13/2/1982 قضت المحكمة العليا للقيم بقبول الطعن المقدم من المدعي في الحكم المذكور شكلاً و في الموضوع برفضه و تأييد ذلك الحكم .
و أضافت المحكمة في حكمها المطعون فيه أن المادة 50 من قانون حماية القيم من العيب رقم 95 لسنة 1980 تنص على أن ” يكون الحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم نهائياً و لا يجوز الطعن فيه بأي وجه من وجوه الطعن عدا إعادة النظر ” و من ثم فإن الحكم الصادر من المحكمة العليا للقيم بتأييد فرض الحراسة على أموال المدعي يكون حكماً نهائياً ، و اعتباراً من 13/2/1982 . تاريخ صدور هذا الحكم – يصبح المدعي غير كامل الأهلية المدنية نظراً لما ينطوي عليه الحكم الصادر بفرض الحراسة من منع المدعي من التصرف في أمواله و تعيين حارس يقوم بإدارتها نيابة عنه .
و استطردت المحكمة أنه بالرجوع إلى أحكام القانون رقم 109 لسنة 1975 الخاص بالتعاون الاستهلاكي و الذي كانت أحكامه سارية المفعول على الجمعيات التعاونية للبناء و الإسكان يبين أن المادة 51/1 منه تنص على أنه ” يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية ما يلي :
1 – أن يكون كامل الأهلية المدنية .
كما أنه باستعراض أحكام القانون رقم 14 لسنة 1981 بإصدار قانون التعاون الإسكاني الذي بدأ العمل بأحكامه اعتباراً من 6/3/1981 يبين أن المشرع أورد في هذا القانون نصاً مماثلاً إذ قضت المادة 42 منه بأنه ” مع مراعاة الشروط الخاصة التي يتضمنها النظام الداخلي يشترط فيمن يرشح لعضوية مجلس إدارة الجمعية ما يلي :
1 – أن يكون كامل الأهلية المدنية .
و أضافت المحكمة أن من المسلم به في فقه و قضاء القانون الإداري أن شرط المصلحة الواجب تحققه لقبول الدعوى يتعين أن يتوافر للمدعي من وقت رفع الدعوى و أن يستمر قيامه حتى يفصل فيها نهائياً و من ثم فإنه يتعين على المحكمة الحكم بعدم قبول الدعوى الماثلة ، على الرغم من تسليمها بانعدام القرار المطعون فيه لصدوره من جهة غير مختصة قانوناً ، نظراً لأن عضوية المدعي بمجلس إدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب ، زالت عنه تلقائياً و بقوة القانون أثناء نظر الدعوى و على وجه التحديد من 13/2/1982 تاريخ صدور حكم المحكمة العليا للقيم المشار إليه بفرض الحراسة على أمواله و ما يترتب عليه من صيرورة المدعي غير كامل الأهلية المدنية على النحو السالف بيانه .
و من حيث أن مبنى الطعن في هذا الحكم أن الجزاء المترتب على فرض الحراسة ورد النص عليه في المادة 21 من القانون رقم 34 لسنة 1971 و هو ” رفع يد الخاضع عن إدارة المال المفروضة عليه و التصرف فيه ” كما أن القانون رقم 95 لسنة 1980 نص على الجزاءات التي توقعها المحكمة في حالة فرض الحراسة و هو ما لم تقض به المحكمة ضد الطاعن ، هذا إلى أن التقاضي طبقاً للمادة 68 من الدستور حق طبيعي للفرد لا يسقط عنه إلا بنص صريح .
و من حيث أن مقطع النزاع في الطعن الماثل يدور حول أثر الحكم الصادر بفرض الحراسة على أموال الطاعن على أهليته ، و بالتالي أثر ذلك على رئاسته لمجلس إدارة الجمعية التعاونية للإسكان بقليوب .
و من حيث أن الثابت من الإطلاع على الأوراق أنه بجلسة 4/10/1981 أصدرت محكمة القيم حكمها بفرض الحراسة على أموال الطاعن و أفراد أسرته و أمرت باعتبار ورشة تصنيع البلاط المملوكة لهم نفقة شاملة للمدعي عليهم . و قد تأيد هذا الحكم من محكمة القيم العليا لجلسة 13/2/1982 .
و من حيث أن المادة 34 من قانون حماية القيم من العيب الصادر بالقانون رقم 95 لسنة 1980 تنص على أن ” تختص محكمة القيم دون غيرها بما يأتي :
أولاً  : الفصل في جميع الدعاوى التي يقيمها المدعي العام الاشتراكي طبقاً للمادة 16 من هذا القانون .
ثانياً  : كافة اختصاصات المنصوص عليها في القانون رقم 34 لسنة 1971 بتنظيم فرض الحراسة و تأمين سلامة الشعب و المقررة بالقانون المذكور ………… .
و بالرجوع إلى القانون الأخير رقم 34 لسنة 1971 يبين أن المادتين 2 ، 3 منه أجازتا فرض الحراسة على أموال الشخص كلها أو بعضها لدرء خطره على المجتمع أو قامت دلائل جدية على تضخم أمواله للأسباب الواردة بالنص و قضت المادة 17 بأن ينص في الحكم الصادر بفرض الحراسة على تقرير نفقة للمفروضة عليه الحراسة و أسرته و من يعولهم فعلاً و لو كانوا بالغين ، و يجوز بدلاً من تقرير هذه النفقة أن تستثنى بعض الأموال من الخضوع للحراسة و تترك للخاضع حرية استعمالها و استغلالها و التصرف فيها . و نصت المادة 18 على أنه ” لا تشمل الحراسة إلا الأموال التي في ملك الخاضع فعلاً في تاريخ فرضها و لا تمتد إلى ما يؤول إليه من أموال بعد ذلك التاريخ ” و نصت المادة 21 بأن ” يترتب على الحكم بفرض الحراسة رفع يد الخاضع عن إدارة المال المفروضة عليه أو التصرف فيه و يقع باطلاً كل تصرف يجريه الخاضع بعد صدور الحكم بشأن المال الذي فرضت عليه الحراسة “.
و من حيث أن البادي من ذلك أن المشرع أجاز فرض الحراسة على أموال الشخص كلها أو بعضها بحكم من محكمة القيم و يترتب على صدور مثل هذا الحكم غل يد الشخص عن إدارة الأموال التي فرضت عليها الحراسة و منعه من التصرف فيها دون أن يمتد هذا الأثر إلى الأموال الأخرى التي لم يشملها الحكم أو الأموال التي يكتسبها بعد صدوره . كما أن المشرع أجاز ، بدلاً من تقرير نفقة للخاضع ، أن تستثنى بعض أمواله من الخضوع للحراسة و تترك له حرية استغلالها و التصرف فيها .
و من حيث أن الأهلية في اللغة تعني الصلاحية لأمر معين ، و في القانون هي أيضاً الصلاحية لاكتساب الحقوق و الصلاحية لإبرام التصرفات القانونية – فيه – بعبارة أخرى – صلاحية الشخص لكسب الحقوق و التحمل بالالتزامات و مباشرة التصرفات القانونية التي يكون من شأنها أن ترتب له هذا الأثر أو ذاك ، و يرجع في تحديد هذه الأهلية إلى نصوص القانون ذاته و ما تقرره من أحكام في هذا الخصوص .
و من حيث أن القانون المدني ينص في المادة 44 منه على أن كل شخص يبلغ سن الرشد متمتعاً بقواه العقلية و لم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية . و يقضي في المادة 45 بأن :
1 – لا يكون أهلاً لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون .
2 – و كل من لم يبلغ السابعة يعتبر فاقداً للتمييز .
و ينص في المادة 46 على أن كل من بلغ سن التمييز و لم يبلغ سن الرشد ، و كل من بلغ سن الرشد و كان سفيهاً أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقاً لما يقرره القانون .
و من حيث أن المستفاد من نصوص التقنين المدني أن الأهلية لمباشرة الحقوق أو ما يسمى بأهلية الأداء مناطها التمييز ، فمن كان كامل التمييز كان كامل الأهلية ، و من نقص تمييزه كانت أهليته ناقصة ، و من  انعدم تمييزه انعدمت أهليته . كما أن الأصل في الشخص أن يكون كامل الأهلية ببلوغ سن الرشد ما لم تفقد أهليته أو تنتقص للجنون أو العته أو السفه أو الغفلة بمعنى أن الأصل في الشخص الذي يبلغ سن الرشد أن يكون كامل الأهلية ما لم يسلب القانون أهليته أ, يحد منها . و تطبيقاً لذلك نصت المادة 109 من القانون المدني على أن ” كل شخص أهل للتعاقد ما لم تسلب أهليته أو يحد منها بحكم القانون ” و انعدام الأهلية أو نقصها بالتحديد الذي أورده القانون يختلف عن المنع من التصرف ، إذ قد يمنع شخص من التصرف في ماله لمصلحة مشروعه دون أن يكون ذلك راجعاً إلى نقص في التمييز عند الشخص الممنوع كما هو الحال في نقص الأهلية ، من ذلك منع الشخص من أن يبيع ماله في مرض الموت إلا في حدود معينة .
و من حيث أنه بتطبيق هذه الأحكام على موضوع الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه يبين أن حكم محكمة القيم بفرض الحراسة على أموال المدعي ترك له ورشة تصنيع البلاط ليديرها و ينتفع بفوائدها و ينتفع بعائدها ، و أن هذا الحكم لا يترتب عليه منعه من اكتساب الحقوق و اكتساب الأموال في المستقبل و إنما غاية ما يترتب عليه هو غل يد المدعي عن إدارة الأموال التي فرضت عليها الحراسة أو التصرف فيها ، أي منعه من إدارتها و التصرف فيها دون أن ينال الحكم من أهليته .
و من حيث أن قانون حماية القيم من العيب و الذي خول محكمة القيم الحكم بفرض الحراسة على الأموال أجاز في المادة 4 منه الحكم على من تثبت مسئوليته وفقاً لهذا القانون بتدبير أو أكثر من التدابير التي أوردتها المادة و من بينها ” الحرمان من الترشيح لعضوية المجالس النيابية أو الشعبية المحلية ، أو الحرمان من الترشيح أو التعيين في رئاسة أو عضوية مجالس إدارة الشركات العامة أو الهيئات العامة أو التنظيمات النقابية أو الاتحادات أو الأندية أو المؤسسات الصحفية أو الجمعيات بجميع صورها بما فيها الجمعيات التعاونية و الروابط و الاستمرار فيها “.
و من حيث أن لحكم الصادر بفرض الحراسة على الطاعن لم يتضمن مجازاته بأي من التدابير المشار إليها في المادة الرابعة آنفة الذكر ، بل و لم يتضمن قرار المدعي العام الاشتراكي بإحالته إلى محكمة القيم المطالبة بتوقيع شئ من هذه التدابير .
و من حيث أنه يخلص مما تقدم أن الحكم الصادر بفرض الحراسة على أموال الدعي لا مساس له بأهليته . و بالبناء على ذلك فليس من الصحيح القول بأن صفته كرئيس لمجلس إدارة الجمعية تزول عنه تلقائياً و بقوة القانون بفرض الحراسة على أمواله لتخلف شرط التمتع بالأهلية المدنية الكاملة في شأنه . و بالتالي فإن مصلحته تبدو قائمة و مؤكدة في مخاصمة القرار الصادر بحل مجلس الإدارة و تعيين مجلس مؤقت ، و إذ كان ذلك فمن ثم يكون الحكم المطعون فيه قد خالف صحيح القانون عندما نحا غير هذا المذهب مما يتعين معه القضاء بإلغائه .
و من حيث أن إدارة قضايا الحكومة قد دفعت أمام محكمة القضاء الإداري بعدم قبول الدعوى تأسيساً على أن المدعي لم يتظلم من القرار المطعون فيه إلى اللجنة المنصوص عليها في المادة 88 من قانون التعاون الاستهلاكي . و هذا الدفع مردود بأن البادي من استقراء نصوص القانون المذكور أن عدم التظلم إلى هذه اللجنة لا يحول بين صاحب الشأن و بين حقه في الالتجاء مباشرة إلى القضاء الإداري بطلب الحكم بإلغاء القرار ، كما أن هذه النصوص ليس فيها ما يفيد وجوب مثل هذا التظلم قبل رفع دعوى الإلغاء ، و من المسلم أن الأصل في تلك الدعوى أن ترفع مباشرة و لو لم يسبقها تظلم سواء إلى الجهة التي أصدرت القرار أو إلى السلطة الرئاسية لها أو إلى أية جهة أخرى ، غير أن ثمة حالات وردت على خلاف هذا الأصل استوجب فيها المشرع – سواء في قانون مجلس الدولة أو غيره – التظلم من القرار قبل رفع الدعوى بطلب إلغائه و رتب على إغفال هذا الإجراء عدم قبول الدعوى . و يجب أن يرد النص على وجوب التظلم من القرار قبل الطعن عليه بدعوى الإلغاء واضحاً و قاطعاً في الدلالة على هذا المعنى باعتباره وارداً على خلاف الأصل العام . و من تطبيقات ذلك النص في المادة 12 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 على عدم قبول الطلبات ” أي الدعوى ” المقدمة رأساً بالطعن في القرارات الإدارية النهائية المنصوص عليها في البنود ثالثاً و رابعاً و تاسعاً من المادة 10 و ذلك قبل التظلم منها إلى الجهة الإدارية التي أصدرت القرار أو إلى الهيئات الرئاسية و انتظار المواعيد المقررة للبت في هذا التظلم و كذلك النص في المادة 18 من قانون الخدمة العسكرية و الوطنية رقم 127 لسنة 1980 على أن ” يكون التظلم من قرارات التجنيد إلى لجنة مؤلفة من ……………… و لا تقبل الدعاوى أمام القضاء بإلغاء القرارات المشار إليها قبل التظلم منها على الوجه المتقدم ”
و من حيث أن التظلم المقرر بموجب قانون التعاون الاستهلاكي للتظلم من قرارات الوزير المختص أو الجهة الإدارية المختصة بحل مجلس إدارة الجمعية و تعيين مجلس إدارة مؤقت لم يستوجب هذا التظلم قبل رفع الدعوى بطلب إلغاء القرار ، كما أن المستفاد من استقراء القانون أن القرار المذكور هو قرار نهائي قابل للتنفيذ فور صدوره و بالتالي فإن الطعن أمام القضاء بدعوى الإلغاء إنما ينصب على هذا القرار و ليس على قرار اللجنة المنوط بها البت في التظلم ، لذا فإن الدفع المشار غليه يكون في غير محله متعين الرفض .
و من حيث أن المادة 66 من قانون التعاون الاستهلاكي ، و الذي صدر القرار المطعون فيه في ظله ، تنص على أن” يعتبر وزير التموين الوزير المختص في تطبيق أحكام هذا القانون على أنه بالنسبة للاتحادات التعاونية يتولى الوزير مباشرة جميع الاختصاصات المقرة في هذا القانون لكل من الوزير المختص و الجهة الإدارية المختصة ، و مع ذلك يجوز بقرار من رئيس الجمهورية تحديد الوزير المختص و الجهة الإدارية المختصة ببعض أوجه النشاط التعاوني الاستهلاكي و استناداً إلى حكم هذه المادة أصدر رئيس مجلس الوزراء – بناء على التفويض المخول له بموجب قرار رئيس الجمهورية رقم 490 لسنة 1976 – قراره رقم 702 لسنة 1977 الذي نص في المادة الأولى منه على أن ” يعتبر وزير الإسكان و التعمير الوزير المختص في تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 66 من قانون التعاون الاستهلاكي الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1975 ، و الهيئة العامة لتعاونيات البناء و الإسكان الجهة الإدارية المختصة و ذلك بالنسبة إلى نشاط الإسكان التعاوني .
و من حيث أن القانون المشار إليه خول ” الوزير المختص و الجهة الإدارية المختصة ” صلاحية حل مجلس إدارة الجمعية التعاونية و تعيين مجلس إدارة مؤقت ن فمن ثم فإن الاختصاص بحل مجالس إدارة الجمعيات التعاونية للإسكان و تعيين مجالس مؤقتة لإدارتها يكون منوطاً بوزير الإسكان و الهيئة العامة لتعاونيات البناء و الإسكان بحسبانهما الوزير المختص و الجهة الإدارية المختصة ، و إذ كان ذلك فإن قرار محافظ القليوبية المطعون فيه يكون مشوباً بعيب عدم الاختصاص لصدوره من جهة لا ولاية لها قانوناً في إصداره . و لا يقدح في هذا النظر ما ذهبت إليه إدارة قضايا الحكومة في مذكرة دفاعها المقدمة إلى محكمة القضاء الإداري من اختصاص المحافظ بإصدار مثل هذا القرار استناداً إلى حكم المادة 27 من قانون نظام الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 34 لسنة 1979 ……… ذلك أن المادة المذكورة تقضي بأن ” يتولى المحافظ بالنسبة إلى جميع المرافق العامة التي تدخل في اختصاص وحدات الحكم المحلي وفقاً لهذا القانون جميع السلطات و الاختصاصات التنفيذية المقررة للوزراء بمقتضى القوانين و اللوائح و يكون المحافظ في دائرة اختصاصه رئيساً لجميع الأجهزة و المرافق المحلية كما يرأس جميع العاملين في نطاق المحافظة ” ، وواضح من صياغة النص أن الاختصاصات التي خولت إلى المحافظين بمقتضاه تتعلق بأجهزة الدولة و المرافق العامة ، و لا مراء في أن الجمعيات التعاونية هي مؤسسات أهلية من أشخاص القانون الخاص و بهذه المثابة لا تندرج في عداد أجهزة الدولة أو مرافقها العامة و بالتالي لا يشملها حكم هذا النص . هذا إلى أن من المسلم في مجال التفسير وجوب التقيد بالحكم الذي ورد به نص صريح و إعمال مقتضاه دون الاحتجاج بما قد يستفاد ضمناً من حكم آخر لأن الصريح أولى بالاعتبار و التقديم .
و قد سبق بيان أن قانون التعاون الاستهلاكي و قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 702 لسنة 1977 يفيدان – صراحة – اختصاص وزير الإسكان و الهيئة العامة لتعاونيات البناء بإصدار مثل القرار المطعون فيه .
و من حيث أن يخلص مما سبق جميعه أن للمدعي مصلحة مؤكدة في الطعن على قرار محافظ القليوبية آنف الذكر و أن المشرع لم يستلزم التظلم من مثل هذا القرار قبل رفع الدعوى بطلب إلغائه ، و أن القرار المطعون فيه صدر من جهة لا ولاية لها في إصداره الأمر الذي يتعين معه الحكم بقبول الدعوى و بإلغاء هذا القرار مه إلزام محافظة القليوبية المصروفات عملاً بأحكام المادة 184 من قانون المرافعات .
* فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً و في موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه و بقبول الدعوى بإلغاء القرار المطعون فيه و ألزمت محافظة القليوبية المصروفات